روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | العجوز والهرم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > العجوز والهرم


  العجوز والهرم
     عدد مرات المشاهدة: 11274        عدد مرات الإرسال: 0

* أولاً: العجوز عند أهل اللغة هو الهرم، والجمع: عجز، والعجوز هي المرأة العجوز والجمع عجائز، تقول: عجز فلان عن الشيء عجزاً وعجزاناً، أي ضعف ولم يقدر عليه، فهو عاجز. والجمع: عجزة، وتقول: عجزت المرأة عجوزاً: أي كبرت وأسنت، فهي عجوز وعجوزة. والجمع: عجائز.

وأما تعريف العجوز عند الفقهاء فهو لا يخرج عن معناه عند أهل اللغة، وقد فسر القرطبي العجوز بالشيخة، وقد إستعمل القرآن الكريم لفظ العجوز أربع مرات في التعبير عن المرأة التي بلغت سن اليأس الذي لا تنجب فيه غالباً.

قال تعالي عن زوجة إبراهيم: {قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز} [هود:72]، وقال أيضا: {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم} [الذاريات:29]، وقال أيضا: {فنجيناه وأهله أجمعين*إلا عجوزاً الغابرين} [الشعراء:170-171]، وقال أيضا: {إذ نجيناه وأهله أجمعين*إلا عجوزاً في الغابرين} [الصافات:134-135].

والعجوز في السنة المطهرة مصطلح يطلق علي المرأة كبيرة السن، ثيباً كانت أو بكراً، فقد روي من طريق ابن ابي حاتم عن سلمة بن يزيد. قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في قوله تعالي: {إنا أنشأناهن إنشاء} [الواقعة:35] يعني الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا، قال ابن كثير: جاء من طريق عبد بن حميد عن الحسن. قال: أتت عجوز فقالت: يارسول الله، ادع الله تعالي أن يدخلني الجنة. فقال: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز» قال: فولت تبكي، قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالي يقول: {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً} وقد أخرجه الطبراني من حديث عائشة بسند فيه ضعف.

وجاء إطلاق العجوز في السنة أيضا علي من ضعف بصرها من كبر السن، فقد أخرج الترمذي، بسند فيه مقال، من حديث أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم في قوله تعالي: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: إن من المنشآت اللاتي كن في الدنيا عجائز عمشاً رمصا، والأعمش: من ضعف بصره، وهي عمشاء، والأرمص: من إجتمع في عينه وسخ أبيض، وهي رمصاء.

وقد يطلق لفظ العجوز علي المرأة في معرض الإنقاص من شأنها، وإن كانت كبيرة السن في الواقع، وهذا محرم بالإجماع إلا لعذر، ومن ذلك ما رواه الشيخان، عن عائشة قالت: إستأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فعرف إستئذان خديجة. فإرتاح لذلك أي هش لمجيئها‘ لتذكره خديجة وأيامها فقال: «اللهم هالة» قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيراً منها ومعني حمراء الشدقين: أنها عجوز كبيرة جداً حتي سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق لشدقها وهو: جانب الفم مما تحت الخد بياض شيء من الأسنان إنما بقي فيه حمرة لثاتها، ولم يرد في الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم زجرها لهذا القول -واختلف العلماء في ذلك- فقيل: لأنها من الغيرة بين النساء، والغيرة للنساء عفو، يعني محل مسامحة، لأنهن جبلن علي ذلك. فلا يملكن مقاومة أنفسهن من الغيرة، فكانت عفواً رحمة من الله بهن، قال الإمام النووي: وعندي أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يعنف عائشة علي هذا القول في حق خديجة، لأن عائشة كانت صغيرة السن، وفي أول شبيبتها.

* ثانياً: الهرم هو من بلغ أقصي الكبر الهرم بفتح الهاء وكسر الراء، عند أهل اللغة وضعف. تقول: هرم الرجل هرماً فهو هرم، والجمع هرمي، وهي هرمة، والجمع: هرمات، وابن هرمة: آخر ولد الشيخ والشيخة، وهو ما يطلق عليه العامة: آخر العنقود، إذا كان أبواه كبيرين في السن.

وأما تعريف الهرم في إصطلاح الفقهاء فهو لا يخرج عن معناه في اللغة وقد عبر القرآن الكريم عنه بالوهن، فقال سبحانه حكاية عن زكريا عليه السلام: {إذ نادي ربه نداء خفياً قال رب إني وهن العظم مني وإشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقي} [مريم:43] يقول ابن كثير {نداء خفياً}: قال بعض المفسرين: إنما أخفي دعاءه لئلا ينسب في طلب الولد إلي الرعونة لكبره، وقال آخرون: إنما أخفاه لأنه أحب إلي الله تعالي، وقال ابن كثير: قوله تعالي: {وهن العظم مني} أي ضعفت وخارت القوي.. أقول وقد إستعملت السنة المطهرة إصطلاح الهرم في مقابلة الشباب فيما أخرجه ابن ماجة، عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «يهرم ابن آدم ويشب منه إثنتان: الحرص علي المال والحرص علي العمر» وأخرجه البخاري عن أنس، مرفوعاً، بلفظ: «يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال وطول العمر».

بقلم: د.سعد الدين هلالي.

المصدر: جريدة الجمهورية.